رواية نبض الحكاية الفصل الاول والثاني

اقرأ المزيد من القصص على حساب الكاتبة في واتباد نبض الحكاية - رواية إنسانية نبض الحكاية …

رواية نبض الحكاية الفصل الاول والثاني
المؤلف Alhillawi
تاريخ النشر
آخر تحديث


 

نبض الحكاية - رواية إنسانية

نبض الحكاية

رواية اجتماعية، إنسانية، تدفئ القلب وتوقظ الذاكرة 💔
في زوايا البيوت الصامتة، تختبئ حكايات لا تُروى، وأحلام تنكمش تحت وطأة المسؤوليات.
وهناك، في إحدى تلك الزوايا، كانت "ماسة" تحاول أن تُرمم قلبها بعد أن تكسّر بصمت.
هذه رواية عن الفقد، عن العائلة حين تتشظى، وعن النهوض من تحت الركام.
عن فتاة خجولة من حزنها، لكنها تقرر أخيرًا أن تصنع لنفسها صوتًا، وأن تكتب نهايتها بيدها.

كل صفحة هنا ليست مجرد حكاية… بل خطوات صغيرة نحو النور.

ما بعد الرحيل - الفصل الأول

"بعض الغياب... يُخرج منّا أشخاصًا لم نكن نعرف أننا نخفيهم في الداخل."
لم يعد البيت كما كان.
رائحة والدها، أحمد، ما تزال باقية في أركان الجدران، لكن الفراغ الذي خلّفه… أكبر من أن يُملأ.
الغرفة التي اعتادت أن تستيقظ فيها "ماسة" على صوت خطواته أو همسه الحنون، أصبحت صامتة.
والبيت، رغم أصوات ساكنيه، يئن من الحزن والصمت معًا.
كانت "ماسة" تقف بين أطياف الماضي، تحاول أن تلتقط بقية من أمل، وسط عائلة تكاد تتفتت.

👨‍👩‍👧‍👦 عائلتها:

أمنية، الأم… امرأة كانت تنبض بالحياة، والآن أصبحت ظلاً حزينًا. تجلس بصمت طويل، وكأنها تراقب الحياة من خلف نافذة قلبها المنكسر. رحيل أحمد سرق منها كل شيء، حتى الكلام.
آدم، الأخ الأكبر… رجل واقعي، يتحمل عبء العائلة على أكتافه بصمت. يعمل في شركة للأمن السيبراني وأيضًا في محل والده الراحل. لا يظهر مشاعره، لكنه يحبهم أكثر مما يتخيّلون.
قمر، الأخت الصغرى… كانت بهجة البيت، ضحكتها تملأ المكان. الآن صارت صامتة، منغلقة. تكتب في دفترها أسرارها، ولا أحد يعرف ماذا تخفي بين السطور.
سمية، العمة… أخت والدهم. جاءت لتساعد، لكنها بدأت تفرض، تتحكم، تتدخل في كل تفاصيل حياتهم، خاصة "ماسة"… وكأنها تكره فيها شيئًا لا تعرفه ماسة نفسها.
في تلك الليلة، جلست "ماسة" قرب النافذة، تراقب السماء الرمادية، وتكتب في دفترها كلمات مبعثرة… كنبض خافت لقلب لا يريد الاستسلام.
"البيت لم يعد مكانًا للدفء… لكني سأصنع لي دافئًا، حتى لو كنت وحيدة."
نظرت إلى عائلتها المشتتة بعد رحيل والدها الحنون، وكتبت:

"كيف أدرس وأنا أبحث عن شيء فقدته؟ لا أشعر بطعم الحياة. كيف سأواجه كل هذا وحدي؟
لماذا تركتني يا أبي؟
أنت الوحيد الذي يعرف من هي ماسة… وماذا بها.
لمن أتكلم؟ أمي أصبحت حزينة حدّ الانكسار، لا تخرج من غرفتها إلا لتؤدي واجبها نحونا.
أخي لا يظهر مشاعره، فقط صار حازمًا جدًا، ويغيب طوال الوقت في العمل.
حتى قمر… أختي الصغيرة، لم تعد تضحك، ولا تتحدث، فقط تكتب وتكتب، ولا أعلم عن ماذا.
تركتها لعلها تُفرغ حزنها للورق كما أفعل أنا الآن."
آدم:
"أنا الآن المسؤول عن أمي وأخواتي… هذه مسؤولية تركها أبي لي، ويجب أن أكون حازمًا معهم. لا وقت للعاطفة. لا مجال للضعف."

ظل في الذاكرة - الفصل الثاني

النهار ثقيل، كأن الغيم جثم على صدر السماء، وكأن المدينة كلها لا تتنفس.
كانت "ماسة" تجلس على طرف سريرها، تحدّق في اللاشيء.
الدقائق تمر، لكن الزمن لا يتحرك بداخلها.
كل شيء ساكن… حتى أنفاسها صارت محسوبة.
في الأسابيع الأخيرة، اعتادت أن تراقب الحياة من خلف الزجاج، تمامًا كما تفعل أمها.
تنهض، تؤدي ما يُطلب منها، تجيب عند الحاجة، ثم تختفي في زاوية لا تصل إليها الضوضاء.
لكن اليوم… شعرت بحاجة للخروج.
لا هربًا من البيت، بل هربًا من العتمة والوحدة التي تشعر بها والتي بدأت تزحف إلى داخلها.
ارتدت عباءتها، حملت حقيبتها الصغيرة، خرجت دون أن تودّع أحدًا.
الشارع بدا لها أطول من المعتاد.
المارة يمضون بسرعة، والسيارات تمر كأنها لا ترى أحدًا.
سارت بلا هدف. لا تعرف إلى أين، لكنها كانت تشعر أن قدميها تقودانها إلى مكان ما.
وكأن قلبها سبقها بخطوة.
وقفت فجأة أمام مبنى لم تدخله من قبل. واجهته الزجاجية تعكس ملامح السماء الرمادية،
وفوق الباب كُتب بخط أنيق:
"مكتبة الراية"
ترددت للحظة.
لكنها خطت نحو الباب، وكأنها تسير إلى شيء تعرفه مسبقًا… رغم أنها لا تعرفه.
دخلت إلى المكتبة شعرت برائحة الورق القديم امتزجت بخشب الرفوف، والإضاءة الهادئة جعلت عينيها تستريحان.
لأول مرة منذ فترة، شعرت أنها في مكان يشبهها لا أحد يزعجها … صامت، لكن حيّ.
وقفت لحظة، تتأمل المكان، حتى سمعت صوتًا يأتي من جهة الطاولة الرئيسية:
"تفضلي… القسم الأدبي على الجهة اليمنى."
كان صوته هادئًا، خافتًا، لا يحمل دفئًا ولا برودًا.
فقط… صوت يؤدي مهمته.
نظرت نحوه.
رجل في أواخر العشرينات، طويل القامة، ملامحه واضحة، لكنها ليست صارخة.
كان واقفًا خلف الطاولة، يدوّن شيئًا في دفتر، وعيناه لم ترفعا نحوها إلا للحظة.
قالت بهدوء:
"أشكرك… كنت فقط أمرُّ من هنا، فأصابني الفضول لهذا المكان."
أجاب دون أن ينظر مجددًا:
"كل من يدخل هنا، يبحث عن شيء… حتى إن لم يكن كتابًا."
كادت تسأله عن قصده، لكنها اكتفت بالصمت.
تجولت بين الرفوف، تمسّ الكتب بعينيها أكثر من يديها،
صفحات كثيرة، وأسماء لم تسمع بها، لكنها شعرت براحة وسط هذا السكون.
كان هناك شيء في هذا المكان… ليس مألوفًا، لكنه غير مقلق.
أما الرجل، فقد عاد إلى كتابه.
لم يسألها ماذا تريد وأي كتاب تفضل، فقط عاد إلى مكانه كأنه لا يوجد شخص معه هنا.
ولأول مرة، "ماسة" لم تشعر بالحاجة إلى أن تشرح شيئًا وفرحت أنه لم يسألها ماذا تريد. هي فقط تبحث عن الهدوء والسكينة ووجدته هنا في المكتبة.
فقط… جلست في ركن صغير، وفتحت أول كتاب صادفها.
لم تقرأ.
كانت الكلمات تمرّ، لكنها لم تدخل.
كل ما كانت تفعله هو محاولة التنفس من جديد وتريد أن تشعر بأنها ما زالت على قيد الحياة مع هذه الظروف.
مرّت دقائق طويلة، ثم قامت بهدوء، أعادت الكتاب مكانه، واتجهت نحو الباب.
قالت وهي تقف على العتبة:
"المكان هادئ… يشبه الفكرة التي نبحث عنها ولا نجدها بسهولة."
رفع رأسه، نظر نحوها للحظة، وقال:
"الفكرة لا تُنسى، لكنها تنتظر من يقرأها من الداخل."
هذه المرة لم ترد.
فقط خرجت، وأغلقت الباب خلفها، وعيناها تتأمل الزجاج الذي عكس ظلًّا بقي واقفًا في الداخل.
لم تشعر بشيء مختلف… فقط هدأت قليلًا.
ربما لأن أحدًا لم يسألها عن حالها، ولم يُخبرها كيف يجب أن تكون.
ذلك الرجل… كان ظلًا فقط.
ظلّ في مكان غريب…

تعليقات

عدد التعليقات : 0