رواية نبض الحكاية الفصل التاسع والعشر

خيوط خفية - الفصل التاسع والعاشر خيوط خفية رواية اجتماعية نفسية مليئة بالأسرار والمفاجآ…

رواية نبض الحكاية الفصل التاسع والعشر
المؤلف Alhillawi
تاريخ النشر
آخر تحديث
خيوط خفية - الفصل التاسع والعاشر

خيوط خفية

رواية اجتماعية نفسية مليئة بالأسرار والمفاجآت

الفصل التاسع

في ذلك الصباح، كانت "ماسة" في المرآة، تمسك ببطاقة العمل الجديدة التي كتبت عليها بخط يدها "موظفة مكتبة". كان الأمر بسيطًا في ظاهره... لكنه بالنسبة لها يعني الكثير.

أخيرًا، شيء لها وحدها هذا العمل يعني لها الكثير وستتمسك به مهما حدث.

ارتدت عباءتها، وربطت شعرها على عجل، قبل أن تلتفت إلى "قمر" التي كانت تراقبها بصمت من خلف الباب.

قمر (بابتسامة صغيرة): "شكلكِ مثل بطلات المسلسلات وقت العمل."

ماسة (تبتسم لها): "وأنتِ ستكونين أول من أشتري له كتابًا من راتبي."

ركضت "قمر" لتعانقها، وهمست: "عودي لنا بسرعة، اتفقنا؟ لا تركزي على العمل وتنسينا نحن موجودين معكي"

أومأت "ماسة" برأسها، لكن قلبها كان مثقلًا... بأمها، بخالها ميت أم غائب؟ وبكل ما لم يُفهم بعد.

---

في مكان آخر...

في مركز تقني حديث، وبين شاشات وأجهزة مراقبة، جلس "آدم" خلف مكتبه بملامح جامدة، يُراجع تقارير الأمن السيبراني الخاصة بالشركة.

رئيسه في العمل، رجل خمسيني، اقترب منه قائلًا: "آدم... عندك دقة عالية جدًا، لكنك لا تبتسم أبدًا. كأنك جندي لا يعيش إلا للحرب."

ردّ آدم دون أن يرفع رأسه: "ربما لأن الحرب عندي ليست في الخارج... بل في الداخل."

نظر إليه المدير مليًّا، ثم وضع يده على كتفه: "حافظ على هذا الحذر... لكن لا تجعله يأكلك."

بعد دقائق، نظر "آدم" إلى هاتفه، تردد كثيرًا، ثم كتب رسالة قصيرة لـ "ماسة":

> "هل وصلتِ للمكتبة؟ إذا أزعجكِ أي شيء... أخبريني."

ثم حذفها... قبل أن يضغط "إرسال"، حدث نفسه قائلا: لماذا اصبحت هكذا منذ متى أحذف كلامي مع شقيقتي ماذا أصابني؟".

---

في بيت آسيا

كانت الجلسة مغلقة، والحديث يدور بصوت منخفض. "آسيا" جلست بكامل جبروتها، و"سمية" تُمسك فنجان القهوة بتوتر.

آسيا: "ماسة بدأت تعمل... هنا تأتي الفرصة. أريد أن تُقنعي أمنية أن شابًا محترمًا، نقي الأصل، وغني جداً تقدّم لابنتها."

سمية: "لكن علي؟ هل هو مستعد؟"

آسيا: "إنه يعرف ما يجب أن يعرفه فقط. إنه لا يرفض لي طلبًا... أحركه كما أشاء، ويصغي لي كأنني قدره. ولا تنسي... أم ماسة لا تملك اليوم من يحميها. لا مال، لا ظهر. سنظهر لهم أن علي فرصة لا تُعوّض."

سمية: "ألا تخشين أن تعرف؟"

آسيا (ببرود): "إذا عرفت، ستكون قد وقعت فعلًا."

---

في المكتبة

وصلت "ماسة" إلى المكتبة التي تحبها وكلما كانت تأتي اليها تتمنى لو تعمل بها و كأنما القدر لبى طلبها وجعل لها فرصة وسط رائحة الخشب والكتب القديمة. المكان يفيض بهدوء لم تعهده منذ زمن.

دخلت بخطوات مترددة، فاستقبلتها "أم خالد"، المديرة، امرأة هادئة الصوت، تُحب الكتب أكثر من البشر.

أم خالد: "أنتِ في الوقت المناسب. هذه المكتبة بيت الصامتين... ومن يعشق الصمت لن يخذلنا. وأيضا أصبحتي أنتي وعلي تعملون معا فهو زميلك الآن."

ابتسمت "ماسة" بخفة، ثم انهمكت في ترتيب بعض الكتب. مرّت ساعة، قبل أن يظهر علي من خلف الرفوف.

الشاب الهادئ كما وصفته في اول مرة رأته، يحمل ملامح فيها شيء مألوف.

علي: "هل أنتي هي الموظفة الجديدة؟"

رفعت "ماسة" رأسها ببطء، تلاقت نظراتهما. نظرة طويلة... لكنها لم تكن عادية.

ماسة: "أنا... نعم. اسمي ماسة."

علي: "تشرفت. اسمي علي، أعمل هنا منذ أشهر."

ابتسم، لكنها لم تبتسم. شيء فيه أراحها... وشيء آخر أرعبها دون سبب.

أم خالد (من بعيد): "علي، أرجو أن تُعرّفها بأقسام المكتبة."

علي: "بكل سرور."

رافقها بهدوء، وكانت تنظر إليه بطرف عينها. خطواته موزونة، وكلماته قليلة... ووجهه فيه ظلال من أحدهم، لكنها لم تميز من.

---

في المساء

جلست "ماسة" في غرفتها، تكتب ملاحظات أول يوم في دفترها الصغير، حين ظهر إشعار جديد على هاتفها... من نفس الرقم الغريب:

> "هل أخبرتك أمك الحقيقة كلها؟
> خالك سليم لم يمت كما قالت.
> وأنا أملك الدليل."

ارتجفت يدها، قلبها بدأ يتسارع... وفي اللحظة ذاتها، وصلتها رسالة ثانية، هذه المرة من "ملك":

> "ماسة... ما رأيكِ في العمل؟
> هل اعجبك؟
> وأيضا... حاولي ألا تثقي بسرعة."
---

نهاية الفصل التاسع

في كل زاوية من زوايا هذا العالم، خيط يُشدّ، وسرّ يُكشف... و"ماسة" تسير نحو الحقيقة، دون أن تدري من يُنير الطريق، ومن يحفر لها بئرًا.

الفصل العاشر: أصوات لا يسمعها أحد

في تلك الليلة لم تنم "ماسة" جيدًا؛ فكلما أغلقتْ عينيها، تبادر إلى ذهنها وجه خالها "سليم" حيًّا، لا ميتًا كما سُرّب إليها… وكان هاتفها يرن في عمق ذاكرَتها بعبارةٍ واحدة:

> "خالُكِ لم يمت… وأنا أملك الدليل."
---

في المكتبة – صباحًا

دخلتْ "ماسة" إلى المكتبة وهي تجرّ في داخلها حزمةً من الأسئلة. حاولتْ أن تبدو طبيعية، لكن "عليّ" التقط اضطرابها سريعًا.

عليّ (بهدوء): "هل الأمور بخير؟"

ماسة (ببرود): "لماذا تسأل؟"

عليّ: "لأنكِ تمسكينَ هذا الكتاب بالمقلوب منذ عشر دقائق."

نظرتْ إلى يديها، فوجدت الكتاب مقلوبًا فعلًا. ارتبكتْ، ثم قالت بتوترٍ خافت:

.

"ذهني مشغول… فقط."

ابتسم "عليّ" دون تعليق، ثم مضى، لكنه في طريقه أخرج هاتفه وكتب رسالة قصيرة:

> "هي بدأت تشكّ. إن لم تسيطروا على الوضع… ستكتشف كل شيء."
---

استراحة الظهيرة

جلستْ "ماسة" في ركنٍ هادئ من المكتبة، قلبها لا يهدأ. فتحتْ دفترًا صغيرًا للملاحظات، وفي صفحته الأخيرة وجدت عبارةً بخطٍ ليس خطّها:

"حين تبحثين عن الحقيقة… إياك أن تطرقي بابها دون أن تكوني مستعدةً لدفع الثمن."

رفعتْ رأسها؛ فلم ترَ أحدًا. ظنّت أن لا أحد دخل غرفتها مساء البارحة… أو هكذا اعتقدت.

---

في منزل آسيا

راقبتْ "آسيا" شاشةً صغيرة متصلةٍ بكاميرا مخفية داخل المكتبة. همست "لسمية":

آسيا (بصوتٍ باردٍ): "لقد أصبحت جاهزة… بعد قليل ستخطو إلى المكان الذي لن تخرج منه كما كانت."

سمية (بخوفٍ مكبوت): "هل يستحقّ الأمر كلّ هذا؟! (همست في نفسها: لماذا أتيت لها؟! كان بإمكاني أن أختار طريقة أخرى.)"

آسيا (قاسيةً): "لأنهم ظنّوا أنني انتهيت. سأجعلهم يبدؤون من تحت قدميّ مهما حدث وسأجعل أمنية تندم لو كلفني هذا حياتي."

---

في نهاية الدوام

اقترب "عليّ" من "ماسة" مجددًا، ونظر إليها للحظةٍ ثم قال بصوتٍ منخفض:

"تبدين منهكةً… هل تريدينَ المساعدة؟"

لم تكدْ تحافظ على هدوئها، وداخِلها سخطٌ خفيّ:

ماسة (بحزم): "شكرًا، لا أحتاج مساعدةً. أعلمُ ما أفعل."

سكت "عليّ"، لكن وجهه البرّاق بالغضبِ المكتوم؛ فقد حاول مرات عديدة، ولولا كرهه أن يفرض نفسه، لربما تمكّن من مساعدتها فعلاً.

---

في منتصف الليل

فتحتْ "ماسة" درج مكتبها بحثًا عن دفترٍ قديم… فلم تجد سوى مغلفٍ بلا اسم. داخله صورةٌ باهتة تجمع أمَّها "أمنية" وخالها "سليم" شابًا، يقف بجانب رجلٍ غريب الملامح، له وشم في عنقه، وخلفهم بيتٌ محترق.

وفي ظهر الصورة بخطٍّ قديم:

"من يدخل هذا البيت… لا يخرج بالقلب نفسه."

شهقتْ "ماسة"، وتلفّتَت حولها؛ شعرت بأنها مراقَبة، لكنها كانت وحيدة. ثم وصلتها رسالةٌ جديدة:

> "تقدّمي خطوةً واحدةً… وستجدين الجواب.
> البيت المهجور في الحي القديم ينتظرك.
> وإن لم تأتِ… فستكونين أنتِ الفريسة."

هدأتْ قليلًا، وأخذَت تفكرُ:
لماذا الآن؟ ولماذا أنا بالتحديد؟
أين كنتَ يا أبي؟ لماذا تركتَني أعيشُ وحيدةً في دوّامة الخوف؟

---

في غرفة "آدم" – مساءً

طرقتْ "قمر" الباب بخفةٍ، ثم دخلت بعد إذن أخيها.

آدم (ساخرًا وهو يرفع حاجبه): "دعيني أخمّن… واجب رياضيات، أليس كذلك؟"

قمر (تضحك بخجل): "وكأنك تقرأ أفكاري! حاولتُ كثيرًا، لكن الأرقام هذه المرّة قرّرت أن تتآمر ضدي."

آدم (يأخذ الدفتر منها): "دائمًا تتآمر ضدك، أليس كذلك؟ هاتِ لنرَ."

جلستْ قربه، تراقب كيف يحل المسائل بخفةٍ وسرعة.

بعد لحظة، همستْ قمر بصوتٍ منخفض:

قمر: "آدم… هل لاحظت شيئًا على ماسة مؤخرًا؟"

آدم: "ماذا تقصدين؟"

قمر: "تبدو شاردةً دائمًا، كأنها ليست معنا… وكأن عقلها في مكانٍ آخر."

تنهد آدم، ثم أجاب:

آدم: "ربما ضغط العملُ فقط… أو ربما هناك شيءٌ لا تريد أن تُفصح عنه."

قمر: "أفكّر أن أتصل بملك؛ قد تعرف شيئًا. ما رأيك؟"

ابتسم آدم ابتسامةً خفيفة:

آدم: "فكرةٌ جيدة. أخبريني إذا عرفتِ شيئًا."

قمر تنهض استعدادًا للمغادرة:

قمر: "شكرًا لك أيها العبقري. لقد أنقذتني من الأرقام… وربما من القلق أيضًا."

آدم: "فقط لا تنسي… أغلقي الباب ورائك، أيتها الشقية."

---

نهاية الفصل

كلُّ شيءٍ يقترب بسرعةٍ مخيفة… والأرض التي تقف عليها "ماسة" لم تعد ثابتة. لكن السؤال الأهم: هل عليّ هو الحامي… أم الفخّ؟

© 2025 - جميع الحقوق

تعليقات

عدد التعليقات : 0